الرباطالإثنين 12 دجنبر 2022 -
كان يوم الثلاثاء 6 دجنبر تاريخياً بامتياز بعدما فاز المنتخب المغربي على نظيره الإسباني عن طريق ركلات الترجيح، ليضمن بذلك التأهل إلى ربع نهائي كأس العالم لأول مرة في تاريخه، ويواصل مسيرة التألق نحو المربع الذهبي، بعد أن نال من شباك نظيره البرتغالي.
وقالت شبكة “سي إن إن” الأميركية إن هذا اليوم كان تاريخياً للمغرب وإفريقيا والعرب والمسلمين، فقد تغلب المغرب على إسبانيا الفائزة بكأس العالم سنة 2010.
المدرب وليد الركراكي قال في تصريحات عقب الفوز: “في السابق كان المغاربة وحدهم من يدعموننا، الآن نحظى بدعم الأفارقة والعرب”.
“سي إن إن” قالت في تقرير مطول نشرته حول هذا الفوز إن ما حققه المغرب يوم الثلاثاء كان صدمة بطولة كأس العالم، وفي يوم السبت تغلب على البرتغال بهدف لصفر ليصبح أول فريق إفريقي يبلغ نصف نهائي المونديال.
وسجل يوسف النصيري الهدف الوحيد في هذه المباراة قبل نهاية الشوط الأول بضربة رأس رائعة ارتقى خلالها حوالي 3 أمتار في السماء.
الشبكة الإخبارية الأميركية تساءلت في هذا الصدد: “كيف وصل المغرب إلى المربع الذهبي في البطولة الأكثر شهرة في كرة القدم العالمية؟”.
عودة ابن المغرب البار
سادت الدهشة في المغرب حينما قررت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم إقالة المدرب البوسني وحيد خليلوزيتش في غشت، أي قبل ثلاثة أشهر من نهائيات كأس العالم، بعد أن قاد الفريق إلى التأهل لهذه المرحلة، ليحل محله وليد الركراكي في الوقت المناسب.
الملقب بـ”راس لافوكا” بسبب رأسه الأصلع، كما جاء في التقرير، كان مدافعاً صعب المراس، ورغم ولادته في فرنسا اختار تمثيل بلده الأم، وخاض خلال مسيرته الكروية حوالي 45 مباراة دولية.
منذ أن أصبح مدرباً، حقق الركراكي النجاح في كل مكان حل فيه، إذ قاد نادي الفتح الرباطي من وسط الترتيب إلى الفوز بكأس العرش.
وقضى وليد فترة قصيرة في قطر، حيث فاز بالدوري مع فريق الدحيل، قبل أن يعود إلى المغرب، حيث قاد فريق الوداد إلى أكبر الدوريات في وقت سابق من العام الجاري.
اعتقد الكثير من المغاربة أن تولي الركراكي قيادة المنتخب الوطني ستكون بعد كأس العالم، أو في غضون سنوات قليلة، لكن لم يكن أحد غير سعيد بعد إعلانه مدرباً قبل أقل من 100 يوم من مباراته الأولى في المونديال.
في كرة القدم الإفريقية، غالباً ما يقارن الركراكي بخوسيه مورينيو، بفضل انضباطه التكتيكي ومهارات الممتازة في إدارة الفريق، وهذا ما بدا جلياً في كل المباريات في كأس العالم.
لعب المغرب أكثر من 400 دقيقة من كرة القدم في المونديال، وتفاوض على ركلات الترجيح، ومع ذلك استقبل “أسود الأطلس” هدفاً واحداً في الشباك، وكان عكسياً من طرف نايف أكرد خلال المباراة ضد كندا.
بعد الفوز الدراماتيكي بركلات الترجيح على إسبانيا، انتشر مقطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي للركراكي وهو يركض إلى المدرجات، ويعانق ويقبل والدته التي كانت وسط الحشد الجماهيري.
ولد الراكراكي في فرنسا، ونجح في تجميع الفريق الأكثر تنوعاً في كأس العالم؛ فمن 26 لاعباً ولد 14 خارج المغرب في ستة بلدان مختلفة، ونجح في دمج المجموعة بسلاسة في وحدة متماسكة.
كما هو الحال مع لقطة الركراكي العاطفية مع والدته، كانت صورة حكيمي وهو يقبل والدته من أكثر الصور الحميمية في كأس العالم بعد الفوز على إسبانيا.
وقالت فاطمة، أم الركراكي، في تصريحات للصحافة: “طوال مسيرته كلاعب ومدرب لم أسافر لمشاهدته. أعيش في فرنسا منذ أكثر من خمسين عاماً، وهذه هي المسابقة الأولى التي غادرت باريس من أجلها”.
جامعة تأخذ كرة القدم على محمل الجد
يشير تقرير “سي إن إن” إلى أن نجاح “أسود الأطلس” في قطر يُنسب أيضاً للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فبعد عقود من الأداء الكروي المتواضع، قررت بدعم من الملك محمد السادس إصلاح هيكل كرة القدم في البلاد. وعام 2009 افتتحت الجامعة أكاديمية محمد السادس لكرة القدم، التي ساعدت في تطوير لاعبين حاليين مثل نايف أكرد ويوسف النصيري، كما تقوم بمحاولات لاكتشاف المواهب في الشتات المغربي من خلال توظيف الكشافة من جميع أنحاء أوروبا لرصد أي لاعب شاب مؤهل هناك.
وبدأت الجامعة الاستثمار في كرة القدم للسيدات، وتطوير كرة القدم في المدارس والأندية، إضافة إلى إنشاء هيكل بطولة وطنية. ولا غرابة أن المغرب هو الدولة الوحيدة في العالم التي تتوفر على مستويين من كرة القدم للسيدات كلاهما احترافي بالكامل.
ويعتبر مركب محمد السادس لكرة القدم تاج الاستثمار المغربي في الكرة، حيث يحتوي على أربعة فنادق من فئة الخمس نجوم، وثمانية ملاعب معتمدة من قبل “فيفا”، أحدها داخلي يتم التحكم في درجة حرارته، بالإضافة إلى مرفق طبي يضم طبيب أسنان. لقد بدأ هذا الاستثمار على مدى العقد الماضي وبات يؤتي ثماره اليوم.
ولأول مرة في التاريخ فازت الأندية المغربية بلقب دوري أبطال إفريقيا للرجال والنساء، وكذلك كأس القارات للرجال، والدوري الإفريقي.
كما أن المغرب هو بطل بطولة الأمم الإفريقية، وهي بطولة قارية تلعب فيها الدول بفرق تضم لاعبين محليين حصراً، بينما جاء فريق السيدات في المركز الثاني في كأس الأمم الإفريقية للسيدات في وقت سابق من هذا العام، وتأهل إلى كأس العالم لأول مرة.
وتختم “سي إن إن” تقريرها بالقول: “قد يكون نجاح المغرب في كأس العالم أفضل قصة حتى الآن، لكنه ليس نتيجة الحظ، بل الخبرة والتخطيط”.
© حقوق النشر :sk4
ads
